قراءة ترافُدية في رواية زهرة الصبّار لعلياء التابعي (1991)
كيف نكتب السّعَة زمن الضيق (مستوحى من تضمين النفّري في النص: إذا جاءك الضيق فسِْح ... إنما جاءك لذلك، ص 172)...
ساحت رجاء ورفاقها في الرواية وتاهت الرواية في خضمّ الهبّة السردية والزخم الإعترافي الذي تلى ثورة 2011. وهالرواية أحد النصوص المؤسِّسة والمبشِّرة، ولذلك إليها أعود بعد تناولها في مناسبتين أولاهما سنة 1992 في نص نقدي قصير حول أدب التسعينات في تونس والثاني حول تمثّلات حركة برسبكتيف (آفاق) في الثاقافة التونسية
قالت الرواية ما لم يقل ماجاء بعدها، وهي التي كُتبت لحظة انغلاق الآفاق، محلّيا وعالميا. ومن جملة كتابة السعَة أن الرواية كَتبت العالم الداخلي الرحب في قراءاته ومشاربه، ولغاته وانتكاساته وخيباته وممارساته. وهي سِجلّ اليسار التونسي، فهرسة لمكتبته وتدوين لتاريخه الخصوصي. تفعل ذلك لا بوازع المراجعة أو الندم، بل بنوع من خيبة الأمل في ضياع الفرصة
وللرواية موقع تاريخي باعتبارها تتزامن مع نصوص ثقافية أخرى تٌعيد زيارة الماضي (في السينما والمسرح والرواية والشعر). ولعلّ ما حفّز على ذلك هو صعود الإسلام السياسي وتغلغله في المجتمع أواخر السبعينات وبداية الثمانبنات من القرن الماضي، وأحداث عنيفة فارقة في الإحتجاج والقمع: 1978، 1980، 1984. وهي أيضا من ضمن النصوص التي استفادت من الإنفتاح المؤقت للحريات وعودة العنفوان والحركية إلى الثقافة ومسألة المواطنة أوخر الثمانينات... (جاء في الهامش أنها كتبت في 1984-85 وقعت مراجعتها في 1987-88)
تشتغل الرواية بواسطة جدليات ديناميكية، بعيدا عن الثنائيات التي تحكم عديد النصوص الأحخرى ذات الصلة. جدليات الريف والمدينة ( قفصة- تونس، مكثر-تونس، عادل –أحمد، عادل-رجاء) . وتشتغل أيضا بجدليات المدينة العتيقة والمدينة الجديدة، القمع والتمرّد، اليسار والسلطة، الحب والسياسة، جدلية اللغات الثلاثة (العربية والفرنسية والتونسية)، جدلية المراجع والمرجعيات..
أما أكثر الجدليات إثارة فتتعلق بالهندي والياسمين – وهل هناك أكثر تونسية منهما في المخيال الجمعي التونسي قبل الثورة وبعدها؟ زهرة الصبار رواية هندي تالة يا وكّالة وريحة البلاد يابا..وما بينهما
لكل ذلك أدعو إلى قراءتها وإعادة التأمّل فيها والإعتراف بموقعها في تراكم الوعي والإبداع التونسيين..…